العلاقة بين التضخم وارتفاع الأسعار
وتفسير التضخم بوجود فائض الطلب يستند إلى المبادئ البسيطة التى تتضمنها قوانين العرض والطلب، فهذه القوانين تقرر أنه - بالنسبة لكل سلعة على حدة - يتحدد السعر عندما يتعادل الطلب مع العرض .. وإذا حدث أفراط في الطلب - فإنه تنشأ فجوة بين الطلب والعرض، وتؤدي هذه الفجوة إلى رفع السعر، وتضيق الفجوة مع كل ارتفاع في السعر حتى تزول تماماً وعندئذً يستقر السعر ومعنى ذلك أنه إذا حدث إفراط في الطلب على أية سلعة فإن التفاعل بين العرض والطلب كفيل بعلاج هذا الإفراط عن طريق ارتفاع الأسعار.
وهذه القاعدة البسيطة التى تفسر ديناميكية تكوين السعر في سوق سلعة معينة يمكن تعميمها على مجموعة أسواق السلع والخدمات التى يتعامل بها المجتمع فكما أن إفراط الطلب على سلعة واحدة يؤدي إلى رفع سعرها، فإن إفراط الطلب على جميع السلع والخدمات - أو الجزء الأكبر منها - يؤدي إلى ارتفاع المستوى العام للأسعار وهذه هي حالة التضخم.
إجراءات الحد من التضخم
يمكن الحد من التضخم ولاسيما في الدول المتقدمة بتنفيذ إجراءات السياستين المالية والنقدية:
السياسة الاقتصادية
أولاً: تضع وزارة المالية السياسة المالية (fiscal policy) للدولة وبموجبها تتحدد مصادر الإيرادات واستخداماتها والفائض (surplus) في الموازنة (Budget) يؤدي إلى تقليل حجم السيولة المتاحة. وبالتالي سيؤدي ذلك إلى خفض معدل التضخم.
ثانياً: قيام وزارة المالية ببيع حجم الدين العام إلى الجمهور وبالتالي سحب النقد المتوفر في السوق ويؤدي ذلك إلى الحد من عرض النقد.
ثالثاً: زيادة الضرائب على السلع الكمالية التي تتداولها القلة من السكان من أصحاب الدخول المرتفعة.
رابعا: خفض الإنفاق الحكومي: يعد الإنفاق الحكومي أحد الأسباب المؤدية إلى زيادة المتداول من النقد في السوق، وبالتالي فإن الحد من هذا الإنفاق وتقليصه سيؤدي إلى خفض النقد المتداول في الأسواق(البازعي، 1997م: 188).
السياسة النقدية:
تتولى المصارف المركزية في الدول المختلفة وضع وتنفيذ السياسات النقدية باعتماد مجموعة من الأدوات الكمية والنوعية:
أولاً: الأدوات الكمية:
1. زيادة سعر إعادة الخصم: ومن النشاطات الاعتيادية التي تقوم المصارف التجارية بها: خصم الأوراق التجارية للأفراد وفي حالات أخرى تقوم بإعادة خصمها لدى البنك المركزي وفي هذه الحالة يقوم البنك المركزي برفع سعر إعادة الخصم بهدف التأثير في القدرة الإنتمائية للمصارف من أجل تقليل حجم السيولة المتداولة في السوق ويعد هذا الإجراء واحداً من الإجراءات لمكافحة التضخم.
2. دخول المصارف (البنوك المركزية) إلى الأسواق بائعة للأوراق المالية وذلك من أجل سحب جزاء من السيولة المتداولة في السوق. أو ما يسمى بدخول السوق المفتوحة.
3. زيادة نسبة الإحتياط القانوني. تحتفظ المصارف التجارية بجزء من الودائع لدى البنوك المركزية وكلما ارتفعت هذه النسبة كلما انخفضت القدرة الإنتمائية لدى المصارف.
ثانياً: الأدوات النوعية:
أما الأدوات النوعية فإنها تتلخص بطريقة الإقناع لمدراء المصارف التجارية والمسؤولين فيها عن الإنتماء المصرفي، بسياسة الدولة الهادفة إلى خفض السيولة المتداولة في الأسواق، وهذه السياسة فعالة في الدولة النامية بشكل أكبر مما في دول أخرى.
ثالثاً: معدلات الفائدة
غالباً ما تقترن معدلات الفائدة بمصادر التمويل المقترضة سواء أكانت هذه المصادر قصيرة، أم متوسطة، أم طويلة الأجل، إذ يخصص رأس المال في إطار النظرية المالية من خلال أسعار الفائدة، وتتفاوت هذه الأسعار حسب تفاوت أجال الاقتراض، فالفوائد على القروض قصيرة الأجل تكون أقل في حين تكون أسعار الفائدة على القروض طويلة الأجل مرتفعة بينما أسعار الفائدة على القروض متوسطة الأجل تكون بين السعرين وتزداد أسعار الفائدة عند تزايد الطلب على رؤوس الأموال الحاصل عن الرواج الاقتصادي.
وقد تتوفر فرص استثمارية تشجع المستثمرين على استغلال هذه الفرص الاستثمارية. ولتوقعات المستثمرين أثر واضح في زيادة الطلب على رؤوس الأموال، إذ تتجه توقعاتهم بأن الحالة الاقتصادية في تحسن وأن رواجا اقتصادياً سيؤدي إلى توفر فرص استثمارية متاحة أمام المستثمرين ولذلك يزداد الطلب على رؤوس الأموال وعلى شكل قروض قصيرة الأجل الأمر الذي يؤدي إلى زيادة أسعار الفائدة القصيرة الأجل بشكل يفوق أسعار الفائدة على القروض طويلة الأجل خلافاً للقاعدة التي تقول انّ أسعار الفائدة على القروض طويلة الأجل أكثر من الفوائد على القروض قصيرة الأجل.
وتتأثر أسعار الفائدة بعدة عوامل يترتب على مؤثرات هذه العوامل أن يطلب المقرض (الدائن) علاوات تضاف إلى أسعار الفائدة الحقيقية ومن أبرز هذه العوامل(البازعي، 1997م: 221):
• معدل التضخم (Inflation):
تؤثر معدلات التضخم في تكاليف الإنتاج الصناعية لمنشآت الأعمال عموماً ولذلك يزداد الطلب على رأس المال لتغطية هذه التكاليف. وكما أشير إليه سابقاً فان انخفاض القوة الشرائية للنقد تسبب ازدياد الحاجة إلى التمويل. وعلى افتراض أن تقديرات إحدى منشآت الأعمال، أشارت إلى أن كلفة خط إنتاجي مقترح ضمن خطتها السنوية للسنة القادمة بلغت (10) مليون دينار، وعندما أرد تنفيذ الخط الإنتاجي تبين أن هذا المبلغ لا يكفي لتغطية تكاليف إقامة هذا الخط الإنتاجي، بل يتطلب (15) مليون دينار(البسام، 1999م: 92).
هذه الزيادة ناتجة عن ازدياد معدل التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية، مما أدى إلى زيادة الطلب على رأس المال وزيادة الطلب هذه، تؤدي إلى زيادة أسعار الفائدة على التمويل المقترض، إذا تأثرت القرارات المالية لمنشأة الأعمال ولا يقتصر الـتأثير على أسعار الفائدة بل يؤثر التضخم في أسعار الصرف للعملة الوطنية تجاه العملات الأخرى، وتنسجم أسعار الفائدة مع معدلات التضخم. ففي ألمانيا كانت أسعار الفائدة أقل من نظيرتها في الولايات المتحدة الأمريكية ويعود السبب إلى أن معدل التضخم في ألمانيا كان أقل منه في أمريكا.
• العرض والطلب:
يزداد الطلب على اقتراض الأموال في الحالات التي يكون فيها الاقتصاد الوطني للدولة في حالة انتعاش ورواج, وذلك لتوفر فرص استثمارية للمستثمرين وباختلاف مستويات العائد والمخاطرة المتوقعين لأية فرصة استثمارية, يتم اختيارها, ويصاحب هذه الزيادة في الطلب على الأموال زيادة في أسعار الفائدة, في حين زيادة عرض الأموال يؤدي إلى انخفاض أسعار الفائدة.